فضل اللغة العربية و أهميتها
_______فضل اللغة العربية و أهميتها_______
✍️ محمد شهاب الدين العليمي
الطالب بجامعة الأزهر الشريف ، مصر
تمهيد :
إن الله -تعالت حكمته و جلت عظمته- خلق الناس من نفس واحدة -وهو سيدنا آدم عليه السلام- و خلق منها زوجها حواء -رضي الله تعالى عنها- و بث منهما كثيرا من الرجال و النساء ، و علمه أسماء الأشياء و أصول اللغات ، والناس مختلفون في ألستنهم على الرغم من أصلهم واحد ، و هذا الاختلاف يعد من آيات الله تعالى ، قال تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (22)
لا يخفى على من له أدنى مسكة ما للغةِ العربية من أهميةٍ عظمى في كونها لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة، وكونها جزءًا من ديننا، بل لا يمكنُ أن يقومَ الإسلام إلا بها، ولا يصح أن يقرأَ المسلم القرآنَ إلا بالعربية، وقراءة القرآن ركنٌ من أركانِ الصلاة، التي هي ركن من أركانِ الإسلام ، و قد نوه الله تعالى من هذه اللغات باللغة العربية و رفع قدرها و عظّم شأنها و شيد فضيتلها ، وكفي بالعربية شرفا و فضلا أنها لغة القرآن و لغة رسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- و لغة أهل الجنة ، و هي أقدم اللغات و أسبقها و أقدس اللغات وأشرفها ، بها أنزل الكتاب العزيز ، وبها نطق النبي المصطفى ﷺ ، فمن أحبها أحب ما اختاره الله تعالى لعباده ، ومن أعرض عنها أو أهملها فقد حُرم من خير عظيم ، قال عبد الملك بن حبيب : كان اللسان الأول الذي نزل به آدم من الجنة عربيا إلى أن بعد العهد و طال ، حرف و صار سريانيا ( المزهر في علوم اللغة و أنواعها ص 28 ) فهي موجودة من لدن أبينا آدم عليه السلام ، وقال يونس بن حبيب : أول من تكلم بالعربية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ( المصدر السابق ،ص 29 ) فهي لغة الأنبياء و أصبحت اليوم هي لغة عالمية و أكثر انتشارا.
تنويه القرآن بشأن اللغة العربية :
القرآن الكريم قد نوّه بشأن اللغة العربية ، حيث قال تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف: 2] و قال : وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [طه: 113] و قال : نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ• عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِين• بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء: 193-195]
حينما يختار خالق السماوات والأرض اللغة العربية لكلامه، والآيات كثيرة جداً، يجب أن نعلم قيمة هذه اللغة ، من فضل الله علينا أن الله علمنا البيان ، فلمّا خص -جل ثناؤه- اللسانَ العربي بالبيانِ عُلم أن سائر اللغات قاصِرَةٌ عنه
عناية الأئمة بـ #اللغةالعربية و أقوالهم فيها بأنها من الدين :
يقول الخليفة الثاني سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه : "تعلموا العربية فإنها من الدين". (التاريخ الكبير للإمام البخاري)
و يقول الإمام أبو منصرر الثعالبي رحمه الله تعالى : "من أحب الله تعالى أحب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ومن أحبَّ الرسول العربي أحبَّ العرب ومن أحبَّ العرب أحبَّ العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب ومن أحبَّ العربية عُنيَ بها وثابر عليها وصرف همَّته إليها ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرة فيه اعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم خير الرسل والإسلام خير الملل والعرب خير الأمم والعربية خير اللغات والألسنة ، والإقبال على تفهمها من الديانة إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين وسبب إصلاح المعاش والمعاد" ( فقه اللغة و سر العربية )
ويقول الإمام الرازي رحمه الله تعالى : "لما كان المرجعُ في معرفة شرعِنا إلى القرآنِ والأخبار، وهما واردان بلغةِ العرب ونحوهم وتصريفهم، كان العلم بشرعنا موقوفًا على العلم بهذه الأمور، وما لا يتمُّ الواجبُ المطلق إلا به -وكان مقدورًا للمكلف- فهو واجب ( المحصول في علم أصول الفقه ج 1 ص 275 )
ويقول الإمام السيوطي رحمه الله تعالى ׃ "ولا شكَّ أنَّ علم اللغة من الدين ؛ لأنه من الفروضِ الكفايات ، وبه تُعرفُ معاني ألفاظ القرآن والسنة. ( المزهر في علوم اللغة و أنواعها ج 2 ص 302 )
يقول أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى : "إن هذه الشريعة المباركة عربية، فمن أراد تفهمها فمن جهة لسان العرب يفهم، ولا سبيل إلى تطلب فهمها من غير هذه الجهة. (الموافقات)
اللغة العربية أوسع اللغات:
اللغة العربية أوسع اللغات ، و أشملها و أكثرها قدرة على التعبير لا تضاهيها لغة في ذلك ، و فيها ثروة كبيرة من الألفاظ ، فقد نجد المعنى الواحد له عدة ألفاظ ، و عد العلماء لأسماء الجمل ستة آلاف اسم في اللغة العربية ، و للأسد خمس مأة اسم ، و لفظ العجوز يعم أكثر من ثمانين معنى .
و أود أن أورد مثلا بسيطا لناحية أخرى : ففي اللغة الإنكليزية الطاولة "table"، والكتاب "book"، وكَتَبَ "write"، أما اللغة العربية، كتب، مكتب، كتابة ، و عندنا باللغة العربية الإعراب مهم جدا ، فالإعراب له معانٍ دقيقة جداً يرمز لها بحرف صغير ، مثلاً فتاة سألت أباها: يا أبت ما أجملُ السماء؟! فأجابها : نجومها ، قالت: ليس أقصد هذا ، بل أريد أنها جميلة ، فقال لها: قولي: ما أجملَ السماء!! فرق كبير بين ما أجملُ السماء؟! صارت ما استفهامية، أي يا والدي: أي شيء أجملُ في السماء؟! هكذا، لو أنها قالت: ما أجملُ السماء؟! فأجابها: نجومها، هي تقول: إنها جميلة، فقال لها: قولي: ما أجملَ السماء!!
الختام :
فعلينا أن نتعلم هذه اللغة الشريفة و نطبقها في حياتنا العلمية و نعلّمها صغارنا و نحثهم على تعلمها و نربيهم عليها ، لما لهذه اللغة من فضل كثير و شرف وفير و قدر كبير.
١٨ / كانون الأول سنة ٢٠٢٤ ع
تبصرے