الوقت ثمين
🌹🌹🌹🌹 "اغتنم وقتا" 🌹🌹🌹🌹
✍️ محمد شهاب الدين العليمي
إن نعم الله عز و جل على عباده كثيرة لا تحصى ، ولا يمكن لبشر أن يحصوها أو يدركوها على حقيقتها ؛ وذلك لكثرتها واستمرارها ، فصدق الله العظيم : "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار" ( سورة إبراهيم ٣٤ )
وإن من أجل النعم وأغلاها نعمة الزمن ، وقد أشار القران الكريم إلى عظمه و ألمع على علو قدره على غيره ، فجاءت آيات كثيرة ترشد الى قيمة الزمن و رفيع قدره وكبير أثره.
قال تعالى يقسم بالزمن : "والعصر• إن الإنسان لفي خسر• إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر•"
قال حبر الأمة ترجمان القرآن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما في تفسير عصر : "العصر هو الدهر" (تفسير ابن عطيه الأندلسي)
وقال تعالى : "والفجر• وليال عشر•" كما جاء "والليل إذا يغشى• والنهار إذا تجلى•" وما إلى ذلك من الآيات ، فإقسام الله عز وجل بالعصر والفجر وليال عشر والليل والنهار ، كل هذا يدل على أهميه الوقت وفضيلته .
كل إنسان يعلم أن الوقت الذي يذهب لا يرجع ولا يعود إليه مرة ثانية ، ويشعر بأهميته عندما يغادر القطار من المحطة قبل وصوله إليها بثوان ويحس بخطورته عندما يتأخر في مسابقة الجري بثانية واحدة فقط.
فقد شيد رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانته الرفيعة بأحاديثه الكريمة
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" والحديث رواه البخاري ، فهذا الحديث أدل دليل على أن الوقت شيء عظيم ونعمة كبيرة ، و قليل من الناس يستفيدون من هذه النعمة وأكثرهم يذهلون عنها ويغفلون فهم مغترون ومخدوعون.
وفي حديث آخر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لرجل وهو يعظه : "اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك و فراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك" ، فهذا الحديث بما يحتويه يرشدنا إلى أن الوقت نعمة عظيمة و ثروة كبيرة ، والإنسان يتأسف بعد ذهابه فلنغتنم كل شيء على وقته المناسب.
فهذه آيات من كتاب الله عز و جل و أطراف من سنة رسول الله عليه السلام تظهر من خلالها أهمية الوقت وفضيلته ظهور الشمس في نصف النهار.
وها إليكم نبذة من أسوة سلفنا في المحافظة على الزمن وحرصهم على كسب الوقت وملئه بالخير.
هذا هو الإمام الرازي إمام الحكمة وقد أطبق أهل العلم على رسوخه فيها ، كان الوقت عنده أهم و أعظم حتى كان يتأسف في وقت الأكل ، لماذا هذا الوقت خال عن الاشتغال بالعلم؟ ويقول : "والله إنني لأتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل ؛ فإن الوقت والزمان عزيز" (عيون الأنباء في طبقات الأطباء ص 462)
ونرى الإمام الشافعي يقول : "صحبت الصوفية ، فلم أستفيد منهم سوى حرفين ، أحدهما : الوقت سيف قاطع ، فان لم تقطعه قطعك ، و ثانيهما : نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل" (الجواب الكافي لابن قيم)
هكذا كان أسلافنا الكرام يقضون أوقاتهم الغالية ؛ فإنهم كانوا يفهمون قدر الزمن وخطورته ، وهم كانوا يعرفون أن الوقت عندما يذهب فلا أحد يطيق أن يرد منه شيئا ، ولأجل هذا تمکنوا من تزئين صفحات بل مجلدات من التواريخ بجهودهم و مآثرهم الخالدة الانيقه التي لا تزال تزود الأمة جيلا بعد جيل من العلوم والمعارف ، وهم تباعدوا من كل ما لا ينفع ولا ينتج في حياتهم ، و جعلوا نصب أعينهم ما يرشدنا إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم : "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (رواه الترمذي)
فعلينا أن نحفظ أوقاتنا ونغتنمها ، ولا سيما نحن الطلاب ، فمن شأننا أن نبذل أوقاتنا في تحصيل العلوم والتدريب على الكتابة وملازمة المطالعة ، ولكن للأسف! قد غفلنا عن أهمية الوقت
قال بعضهم :
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
و أراه أسهل ما عليك يضيع
و في الختام ، نسأل الله أن يوفقنا جميعا أن نحافظ على أوقاتنا ونقضها في صالح الأعمال والطاعات.
تبصرے